el_youssef مديـــر
عدد الرسائل : 136 العمر : 38 الموقع : www.la-yaesa-ma3a-lhayat.skyrok.com تاريخ التسجيل : 08/02/2008
| موضوع: جـــــــــــــمـــــــــــع الــــقـــرآن في زمــــن الــــنـــبــــي 1 الجمعة فبراير 22, 2008 12:54 am | |
| جمع القرآن في زمن النبي
نقصد بطبيعة الاشياء مجموع الظروف والخصائص الموضوعية والذاتية التي عاشها النبي والمسلمون والقرآن او اختصوا بها مما يجعلنا نقتنع بضرورة قيام النبي (ص) بجمع القرآن في عهده. وهذه الظروف والخصائص هي ما يلي : -
أ - يعتبر القرآن الكريم الدستور الاساسي للامة الاسلامية وهو يشكل الزاوية الرئيسية التي يقوم عليها كيان الامة العقيدي والتشريعي والثقافي الى جانب المناهج الاسلامية الاخرى عن المجتمع والاخلاق. كما انه يعتبر أتقن المصادر التاريخية لديها وأروع النصوص الادبية. ولم يكن المسلمون في صدر حياتهم الاجتماعية يملكون شيئاً من القدرات الفكرية والثقافية في مختلف الميادين التي يخوضها الفكر الانساني، فالقرآن بالنسبة لهم كامة حديثه يمثل المحتوى الروحي والفكري والاجتماعي لهم.
فمثلاً لم تكن الامة الاسلامية حينذاك تملك من الثقافة العقيدية ما تبني عليها ايمانها الراسخ بوحدانية الله سبحانه وانحراف اصحاب الديانات الأخرى في نظرتهم الى المبدأ والمعاد... غير الادلة والبراهين القرآنية. والكلام ذاته يمكن ان يقال بالنسبة الى المجالات الاخرى فكرية كانت ام روحية ام ثقافية.
كل هذا يعطينا صورة بارزة عن الاهمية الذاتية التي يتمتع بها القرآن الكريم بالنسبة الى حياة المسلمين ويحدد النظرة التي يحملها المسلمون كأمة تتمتع بقيادة النبي (ص) الحكيمة - الى القرآن الكريم.
ب - لقد عكف المسلمون منذ البدء على حفظ القرآن واستظهاره انطلاقاً من نظرتهم الى القرآن الكريم وشعوراً بالاهمية التي يحتلها في حياتهم الاجتماعية ومركزه من الدور الذي ينتظرهم في الحياة الانسانية.
وقد تكونت نتيجة هذا الاقبال المتزايد منهم على حفظه واستظهاره جماعة كبيرة عرفت بحفظها القرآن الكريم واستظهارها لنصه بشكل مضبوط.
ولكن السؤال عن كفاية هذه الوسيلة في جعل القرآن بمأمن عن التحريف والتزوير نتيجة للخطأ والاشتباه. او تعرضهم لظروف وعوامل اخرى تمنعهم عن القيام بدورهم في حفظ النص القرآني من هذه الاخطار ؟؟.
ان الصحابة الذين عرفوا بحفظ القرآن.. مهما بلغوا من الورع والتقوى والامانة والاخلاص فهم لا يخرجون عن كونهم اشخاصاً عاديين يعتورهم الخطأ والنسيان. كما ان ظرفهم التاريخي وطبيعة المسؤولية الملقاة على عاتقهم كانت تعرضهم للاستشهاد فالقتل والانتشار في الاقطار الاسلامية بغية الدعوة لله سبحانه. وكل هذه الامور التي كانت متوقعة تصبح خطراً على النص القرآني اذا ترك مرتبطاً في حفظه بهذه الوسيلة ومرتهناً بهذا الاسلوب.
ويكفينا في تحقيق الخطر على النص القرآني ان يقع بعض الصحابة
البعيدين عن المدينة المنورة في اشتباه معين في النص القرآني ليقع الاختلاف بعد ذلك حينما يفقد المسلمون المرجع الاصيل لضبط النص.
ونحن هنا لا نريد ان نقول ان هذا الشيء قد تحقق فعلاً وان المسلمين قد وقعوا في هذا الاختلاف والخطأ ولكن نريد ان نؤكد ان هذا الامر كان خطراً ماثلاً يمكن ان يقع فيه المسلمون في بعض الظروف.
ج - وقد كان الرسول (ص) يعيش مع الأمة في آمالها وآلامها مدركاً لحاجاتها وواعياً للمسؤولية العظيمة التي تفرضها طبيعة الظروف المحيطة بتكوينها والاخطار التي تتهددها. وهذا الادراك والوعي نتيجة الدور العظيم الذي قام به منذ البعثة حتى وفاته عليه الصلاة والسلام. فقد عاش حياة الاضطهاد والضغط اللذين كانا وليدي قيامه بالدعوة الى الله سبحانه وعمله على تغيير الامة وقلب واقعها الفكري والاجتماعي. ومثل هذا الدور يحتاج الى مهارة عظيمة وادراك دقيق لواقع المجتمع وتقدير للآثار والنتائج مع فهم للنفس البشرية وما تنطوي عليه من خير وشر.
ثم عاش حياة القيادة وسياسة الامة وادارة شؤونها في أصعب الظروف التاريخية حيث انشاء الدولة وتوطيد التشريع والنظام في مجتمع كان لا يعرف الا لوناً باهتاً عن كل ما يمت الى المجتمعات البشرية المنظمة، ويؤمن بمفاهيم وافكار بعيدة عن المفاهيم والافكار الجديدة فمارس الحرب والجهاد وبلى المكر والخداع والنفاق والارتداد الى غير ذلك من الاساليب والظروف المختلفة في أبعادها وآثارها.
وكان على معرفة بتاريخ الرسالات الالهية ونهايتها على يد المزورين والمحرفين وتجار الدين.
فالانسان الذي يكون قد خبر الحياة الانسانية بهذا الشكل وحمل
اعباء الرسالة والدعوة وقاد الانسان في مجاهل الظلام حتى اورده مناهل النور والحق... لا يمكن ان نشك في ادراكه لمدى ما يمكن ان يتعرض له النص القرآني من خطر حينما يربط مصيره بالحفظ والاستظهار في صدور الرجال.
د - وامكانات التدوين والتسجيل كانت متوفرة لدى الرسول (ص) حيث لا تعني هذه الامكانات حينئذ الا وجود اشخاص قادرين على الكتابة يتوفر فيهم الاخلاص في العمل الى جانب توفر أدوات الكتابة. وليس هناك من يشك تاريخياً في تمكن المسلمين من كل ذلك.
ه - والاخلاص للقرآن الكريم وأهدافه لا يمكن ان نجد من يشك في توفره لدى النبي (ص) مهما بلغ ذلك الشخص من التطرف في الشك والتفكير. لأن النبي (ص) - حتى على اسوأ التقادير والفروض التي يفرضها الكافرون برسالته والمنكرون لنبوته - لا يمكن إِلا ان يكون مخلصاً للقرآن الكريم لانه يؤمن بأن القرآن معجزته وبرهان دعوته الذي به تحدى المشركين وهو على هذا الايمان بالقرآن لابد وان يحرص على حفاظه ويكون مخلصاً في ذلك أبعد الاخلاص.
و - تحدي القرآن لمن يأتي بمثله يجعل من الضروري جمعه لكي لا تختلط على الناس المحاولات التي أبداها البشر لتقليد القرآن و محاكاته ببعض الكلام وهذه العناصر الخمسة هي التي تكون اليقين بانّ القرآن الكريم قد تم جمعه وتدوينه في زمن الرسول (ص) لان اهمية القرآن الذاتية مع وجود الخطر عليه والشعور بهذا الخطر وتوفر ادوات التدوين والكتابة ثم الاخلاص للقرآن حين تجتمع لا يبقى مجال للشك بتدوين القرآن في عهد رسول اللّه وكتابته في زمانه.
الشبهة حول طبيعة الاشياء :
وليس عندنا في مقابل دلالة طبيعة الاشياء هذه غير الروايات التي جاءت تذكر ان القرآن الكريم قد جمع في عهد أبي بكر حيث جمع القرآن
من العسب والرقاق واللخاف ومن صدور الناس بشرط ان يشهد شاهدان على أنه من القرآن كما جاء ذلك في قصة جمع القرآن المروية عن زيد بن ثابت(3).
والواقع ان النصوص والروايات التي جاءت تتحدث عن قصة الجمع ليست متفقة على صيغة واحدة ولا على مضمون واحد فهي تنسب الجمع الى اشخاص مختلفين كما انها تختلف في زمان الجمع وطريقته والعهد الذي تم فيه(4).
وهي من أجل ذلك كله لا يمكن الاخذ بمضمونها الفعلي وانما يمكن ان تفسر وجودها بأحد تفسيرين :
الاول : ان هذه الروايات جاءت بصدد الحديث عن جمع القرآن بشكل مصحف منتظم الاوراق والصفحات الامر الذي تم في عهد الصحابة، وليست بصدد الحديث عن عملية جمع القرآن بمعنى كتابته عن بعض الاوراق وصدور الرجال كما تشير اليه بعض هذه الاحاديث.
وهذا التفسير هو ما يفرضه منطق الالتزام بصحة المضمون الاجمالي الذي تؤكد عليه الروايات بأكملها.
الثاني : ان ظهور هذه الروايات على أساس انها قصص وضعت في عهود متأخرة عن عهد الصحابة لاشباع رغبة عامة في معرفة كيفية جمع القرآن. ونحن نعرف من دراستنا للتاريخ الاسلامي ان حركة القصة حين بدأت فانما بدأت تعيش الاطار الديني وكان ذلك في اواخر عهد الصحابة وتطورت في عهد التابعين ونمت في عصور متأخرة. واعتمدت بشكل رئيسي على الاسرائيليات وعلى الوضع والخيال الذي يحاول
ان يحقق أغراضاً اجتماعية معينة.
</STRONG> | |
|