كيف تصبح انساناَ مميزاَ؟
ديننا الإسلامي لا يعرف المسلم الذي يعيش لنفسه وأهله فقط ( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ) ، والنجاح الذي يحققه الإنسان بمفرده ، وبمعزل عن الآخرين هو نجاح ناقص مبتور ، وإذا رجعنا إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أعظم سيرة على الإطلاق ، كان لا يعمل لنفسه بل يعمل للآخرين ، ودعوته لم تأتي خاصة بل جاءت للناس كافة ، قال تعالى :
( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) يوسف 108 .
إذا كانت رسالتك وهدفك يتضمن إرضاء الله سبحانه وتعالى ، والاهتمام بنفسك وأهلك والآخرين ، فهذه الرسالة الفعالة حقا الجديرة بتغيير مجرى حياة الإنسان ووضع أقدامه على أول درب السعادة والتغيير والنجاح والتفوق في الدنيا والآخرة .
هدفك في هذه أن تكون إنسانا متميزا ، وتميزك يكون بتحقيق العبودية لله تعالى ، وإقامة خلافته في الأرض ، وأنت الذي تصنع الحياة بهذا الدين من خلال التفوق فيه والمساهمة عبره
لا بد أن تكون لديك إمكانيات ومواهب ، فكل إنسان أودع الله تعالى فيه مواهب وقدرات تختلف من شخص لآخر ، يستطيع من خلالها أن يبدع ، ولا بد أن تكون لديك القناعة الداخلية بهذا التمييز ، وأنك قادر على التغيير ، وهذه تكون نابعة من نفسك غير مفروضة عليك من الواقع أو من الآخرين .
لا تحاول أن تقلد غيرك تقليدا أعمى ، فتهفو أن تصبح مثل فلان أو علان من النماذج الناجحة ، لمجرد أنك رأيت الناس يعجبون به ويثنون عليه ، حتى ولو كان مجاله وتخصصه لا يناسب ميولك وإمكانياتك ، وساعتها ستكون كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ، أو كالغراب الراقص الذي أراد أن يتعلم مشية أحد الطيور فلم يستطع ، فلما أراد أن يعود إلى مشيته نسيها ، فكان مشيه مثل الراقص الأبله .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي صحابته رضي الله عنهم على الحفاظ على التميز والتنوع والتباين في الميول والإمكانات واستثمارها الاستثمار الأمثل في خدمة الإسلام والمسلمين ، فيقول صلى الله عليه وسلم :
( أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في دين الله عمر ، وأكثرهم حياء عثمان ...) رواه الترمذي .
ولذا فقد وجدنا منهم رضي الله عنهم الخليفة كأبي بكر وعمر ، والقائد العسكري الفذ كخالد وعمرو بن العاص ، والعالم الفقيه كابن عباس وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين .
وهذا العالم الأمريكي المشهور ديل كارنيجي يحكي قصة تجربته المريرة التي مر بها ، عندما كان يريد الوصول إلى التميز والنجاح والتغيير ، اعتقد أن طريق النجاح سريع وقصير ، وكان يريد أن يقلد غيره من المشهورين ويأخذ من صفاتهم ومزاياهم ، ويجعل من نفسه نجما ناجحا لامعا في مجال التمثيل ، ولكن هذه الفكرة كانت سخيفة وواهية ، ويقول : إذ كان علي أن أمضي عدة سنوات من حياتي أقلد الآخرين قبل أن أكتشف الفكرة الأكيدة والأساسية وهي أن أكون ذاتي ، وأنني لا يمكن أن أكون غير ذاتي .