mustapha_el مشــرف
عدد الرسائل : 207 تاريخ التسجيل : 25/02/2008
| موضوع: السلم ...السلم...السلم... الجمعة فبراير 29, 2008 12:43 am | |
| يا سُلَّمَ العمرِ المسخَّمَةِ القوائمِ والسماتْ غسل الشتاء جميعَ آثارِ الأكفِّ اليابساتْ وتساقَطتْ عن وجهها البصماتُ مع دفقِ المطرْ هي سلَّمٌ كالمركناتِ على حوائطِ قريتي خشبٌ رماديٌ قديمٌ ماتَ فيه اللونُ كالوجهِ الجديرْ وتآكلتْ درجاتُها من باطنِ الأقدامِ.. أقدامِ النساءْ وأَكفِّهنْ هي سُلَّمٌ أكلتْ من الأحبابِ جَدِّي.. جَدَّتي.. أمي.. وأختي والذي قد ضاع من عمري العتيقْ ونسيتُها لكنني بالأمسِ بينا ساقني ضجرُ المدينةِ والهوى صادفتُها في بيتِنا المهجورِ من ذاك الخريفْ محنيَّةَ الساقين كالجدِّ العجوزْ محنيَّةً.. لتكاد تلمسُ بطنَ حائطنا الهزيل.. من المجاعةِ ……. لا مبالاةِ النوى واغربتاه هي سلَّمُ الدارِ القديمةْ لا شيء مهتمٌّ بها غيرُ الطيورِ الناعباتِ.. وما تُبَقّيهِ الطيورْ فكأنها وجهُ التي كانتْ ( [تُبَيِّضُ] مرحةَ [الحيطانِ] ) في ذاك الزمانْ ومررتُ في كَفِّي عليها آهِ ما نوعُ الطيورْ لا حسَّ للخطَّافِ.. للدوريِّ للوطواطِ أو حتى من الغرابْ ما غيرَ صوتٍ قد تناهى من ثقوبٍ في الجدارْ أيقنتُ أنَّ هناك عشَّاً في الجدار حذراً دنوتْ فإذا بها أفعى تُغَيِّرُ جلدَها لتواجهَ الصيفَ العنيفْ وذكرتُ ما يرويه جَدِّي كان في الماضي البعيد: ( دأب الأفاعي أن تغيِّرَ جلدَها في كل عامٍ عندما يمضي الربيع لمَ لا نُغَيِّرُ إن تخثَّرَ جلدُنـا ونظلُّ نقبع في جلودٍ من صقيع فهَلِ الثبات على الجلود فضيلةٌ أم أننا اعتدنا على الثوبِ الرقيع ) جدّاه أنتَ مضيت كالريحِ التي تركتْ على جدرانِ قلبي من أصابعها ثقوبْ فكأنَّما لا زلتَ تكتبُ في دفاتِركَ العتيقةِ ذكرياتْ وتدسُّها بين الشقوقِ كما تُدُّس مُمَزَّقَاتٍ من كتابِ اللهِ في تلك الشقوقْ وكأنَّما يا جَدُّ تخلعُ من ثيابِكَ ثم ترميها على درجاتِ سُلَّمنا التي قد نمتُ تحت ظلالِها لتزيدَ وُسْعاً في الظلالْ وتقول لي نمْ يا بنيَّ فهذه الدرجاتُ تسرقُ من محاجرِنا السنينْ ما عدتُ أسمعُ غيرَ صوتِك أيها الجَدُّ الحزينْ مُذْ شاهدَتْ عينايَ هذي السلّمَ العجفاءَ كالعظمِ الرميمْ وبدون قصدٍ رحتُ مُحْتَكَّاً بها كي أشحذَ القلبَ المثلَّمَ من عظامِ الذكرياتْ عَلَّ العيونَ الجامداتِ تذوبُ في كأسِ الحنينْ وتسحُّ مزرابَيْ دموعْ فتسيلُ قائمتين مثل السُلَّمِ الملقى على كَتِفِ الجدارْ وتركتها يا جَدُّ تنتظرُ الحنينْ وتراهنُ الجدرانَ والخصبَ الدفينْ الشوكُ وحدهُ كان فوقَ الميِّتِينْ وتركتُها وأنا أحاولُ ضَمَّها يا سُلَّماً حفرتْ على جدرانِ ذاكرتي الفرحْ والآن تنبشُها كما نبشِ الكنوز من القبورِ وليس تُبْقي في القبورِ سوى العظامِ والعظامُ لها أنين كالغناءِ فما تقول: يا سـلَّمَ الأيـامْ ما أصعبَ الغربةْ قلـبٌ بلا أقـدامْ في غابة الرهبةْ الشوك والأوهامْ ودروبنا الصعبةْ نمضي بلا أحلامْ وكؤوسنا كربةْ وخشيت ألاّ أنقذَ الإحساسَ من عَبَقِ القبورْ فجريتُ كالملسوعِ أبحثُ عن ثيابي الحاضراتْ وأدير مفتاحَ الهروبْ سيارتي عودي بحملك للمدينةِ للحياةْ ما زالَ في جيبي بقايا من رمق وإذا بهِ الإيقاعُ يهذي كانفراط المسبحةْ متناثراً كالمومساتِ.. على بلاطِ الأرصفة أغنيَّةً من دون وزنٍ كي تناسبَ خفق أقدامِ المدينةِ والصخبْ هو في مخاض المعرفة قد هزَّ جذع النخلة الخنثى بأيدٍ مرجفة | |
|